يضبط الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خطابه على "توقيت القدس"، عاصمةَ دولة فلسطين المستقلة، والذي سيُلقيه مساء اليوم (الخميس)، من أعلى منبر دولي في الأمم المتحدة، في الدورة الـ73 التي تعقدها في نيويورك.
هذا الخطاب، الذي بات واضحاً، أنّه سيكون هاماً، وسيسجّله التاريخ، في لحظة دقيقة ومفصلية، يحاول فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنفيذ "صفقة القرن"، المنحازة للكيان الإسرائيلي على حساب تصفية القضية الفلسطينية، والتي بدأ بتمرير بعض ملفاتها بعناوين متعدّدة.
وإنْ كان الرئيس الأميركي بدا أمس يعيش حالة تخبّط في مواقفه وتصرّفاته، بإعلانه "أحب حل الدولتين"، وذلك إثر لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماعات نيويورك.
لكن، لا يُستبعد أنْ يكون كلام الرئيس الأميركي ذرّاً للرماد في العيون، استباقاً لكلمة الرئيس الفلسطيني اليوم في الأمم المتحدة، وهو أمر لا ينطلي على الرئيس "أبو مازن"، الذي قال: "لا" مرّات
عدّة للإدارة الأميركية، عندما كانت تتعارض قراراتها أو ضغوطاتها مع المصلحة الفلسطينية.
وفيما يسعى العديد من المسؤولين إلى لقاء رئيس أكبر دول العالم، فإنّ رئيس آخر دولة ما زالت ترزح تحت نير الإحتلال الإسرائيلي، رفض الوساطات للقاء الرئيس ترامب، إذا لم يتراجع عن القرارات التي اتخذها، وفي طليعتها اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إليها.
وهما قراران أتبعهما بقرارات أخرى، قضت بإقفال مكتب ممثلية "منظّمة التحرير الفلسطينية" في واشنطن، ووقف المساعدات التي تقدّمها الولايات المتحدة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية وأيضاً وكالة "الأونروا".
خطاب الرئيس الفلسطيني سيضمّنه رفضه أحادية الرعاية الأميركية لأي مؤتمر سلام، حيث سيعلن عن التمسّك بمؤتمر دولي للسلام، يؤكد على حل الدولتين، والقدس عاصمة لدولة فلسطين، وعودة اللاجئين الفلسطينيين ووقف الاستيطان.
وثوابت الرئيس "أبو مازن" راسخة، مدعومة من الشعب الفلسطيني، الذي تحرّك في مسيرات ووقفات تضامنية بشكل لافت، داخل الضفة الغربية والقدس وقطاع غزّة والشتات الفلسطيني.
هذا الحراك، جاء تزامناً مع الذكرى الـ18 لاندلاع "الانتفاضة الثانية" - "انتفاضة الأقصى"،
وتدنيس وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون باحات المسجد الأقصى، ومن ثم استشهاد الفتى محمد الدرّة في قطاع غزّة بقنص قوّات الإحتلال الإسرائيلي له ووالده جمال، الذي أُصيب بجراح.
وعشيّة إلقاء الرئيس "أبو مازن" كلمته، التقى مساء أمس (الأربعاء)، في نيويورك، الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، في مقر إقامة الرئيس التركي.
وقد أطلعه على آخر مستجدات الأوضاع السياسية، في ظل انسداد آفاق العملية السياسية، والأوضاع التي يعيشها الشعب الفلسطيني جرّاء الإحتلال وممارساته العدوانية بحق أرضه ومقدّساته الإسلامية والمسيحية، إضافة إلى القرارات الأميركية المدمرة لعملية السلام.
وجرى الحديث، خلال اللقاء، عن دعم "منظّمة التعاون الإسلامي" للقدس ودورها في حماية المقدّسات فيها.
وشكر الرئيس الفلسطيني نظيره التركي على "الدعم الثابت للقضية الفلسطينية"، معرباً عن تقديره "لما تقدّمه تركيا من مساعدات لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني".
بدوره، أكد الرئيس أردوغان رفضه للإجراءات الأميركية، التي تستهدف مدينة القدس، وقطع المساعدات عن "الأونروا"، أو الممارسات الإسرائيلية في القدس والمقدّسات الإسلامية والمسيحية فيها".
حضر اللقاء: أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" الدكتور صائب عريقات،
عضو اللجنة التنفيذية للمنظّمة الدكتور زياد أبو عمرو، وزير الخارجية والمغتربين الدكتور رياض المالكي، مستشار الرئيس الدبلوماسي الدكتور مجدي الخالدي ومندوب دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير الدكتور رياض منصور.
في غضون ذلك، وبعدما أعلن الرئيس الأميركي ترامب أمس الأوّل (الثلاثاء) في خطابه في الأمم المتحدة، والذي تخلّله ضحك وتصفيق، عن أنّه ضد "حل الدولتين"، وأكد الانحياز الواضح للكيان الإسرائيلي، عاد أمس ليعلن عن أنّه يدعم "حل الدولتين" (فلسطين وإسرائيل)، قائلاً: "يجب على إسرائيل أنْ تفعل شيئاً لصالح الفلسطينيين، أحب "حل الدولتين"، فهو يعمل بشكل أفضل".
المفاجأة أنّ كلام ترامب، جاء أمام الصحافيين، إثر لقائه نتنياهو.
وأعلن الرئيس الأميركي عن أنّ "تفاصيل خطة السلام المعروفة بـ"صفقة القرن"، ستعلن بعد شهرين أو ثلاثة"، متوقّعاً أنْ "يوافق الفلسطينيون على العودة إلى المفاوضات بنسبة 100%".
وأبدى ترامب دعمه الأعمى "لما تقوم به إسرائيل في الجانب الأمني"، مدّعياً بأنّ "إسرائيل موجودة في مكان معقّد جداً من العالم، و"بيبي" (نتنياهو) يعلم أنّنا نقف من وراء إسرائيل بنسبة 100%".
بدوره، شكر نتنياهو الرئيس الأميركي على "الدعم الذي تقدّمه إدارته لـ إسرائيل"، مدّعياً بأنّ "العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم تكن يوماً أفضل مما هي عليه اليوم".
وردَّ نتنياهو على تصريحات ترامب حول "حل الدولتين" بتأكيد أنّه "في ظل حكمي لن تقوم دولة فلسطينية".
وأضاف نتنياهو: "كل واحد يفسّر معنى دولة بطريقته الخاصة، والسؤال إذا كانت الدولة التي ستقوم إلى جانب إسرائيل دولة تشبه كوستاريكا أم أنها تشبه إيران؟".
وجاءت تصريحات ترامب المفاجئة قبل ساعات من خطابَيْ الرئيس عباس ونتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.